الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر **
ومات الصالح المسند أبو بكر بن محمد بن الرضي الصالحي القطان في جمادى الآخرة عن تسع وثمانين سنة. سمع حضورًا من خطيب مردا وعبد الحميد بن عبد الهادي وسمع من عبد الله بن الخشوعي وابن خليل وابن البرهان وتفرد وأكثروا عنه ونعم الشيخ كان له إجازة السبط وجماعة. ومات قبله بشهر المعمر أبو بكر بن محمد بن أحمد بن عنتر الدمشقي عن ثلاث وتسعين سنة. روى الكثير بإجازة السبط. ومات القاضي الأثير محيي الدين يحيى بن فضل الله بن مجلي العدوي كاتب السر بمصر في رمضان عن ثلاثٍ وتسعين سنة. ونقل إلى دمشق. وكان صدرًا معظمًا متمولًا رزينًا كالم السؤدد. وروى عن ابن عبد الدايم وغيره. وبالإجازة عن ابن مسلمة. وولي بعده ابنه الصغير علاء الدين. ومات قاضي القضاة شهاب الدين محمد بن المجد الإربلي ثم الدمشقي الشافعي في آخر جمادى الأولى عن ست وسبعين سنة. نفرت به بغلته فرضت دماغه وهلك إلى عفو الله بعد ست ليالٍ. روى عن ابن أبي اليسر وابن أبي عمر وجماعة. وأفتى وناظر وحكم نحو ثلاث سنين. وجاء على منصبه قاضي المالكية جلال الدين. ومات بحماة قاضيها شيخ الإسلام شرف الدين هبة الله ابن القاضي نجم الدين عبد الرحيم ابن القاضي شمس الدين إبراهيم بن البارزي الجهني الشافعي. في ذي القعدة عن ثلاث وتسعين سنة. روى عن جده وابن هامل وله من الباذرائي والكمال الضرير وجماعة وإجازة. وكان إمامًا قدوةً مصنفًا صاحب فنون وإكباب على العلم وصلاح وتواضعٍ وخشيةٍ وصحة ذهن. بلغ رتبة الاجتهاد وتخرج به الأصحاب رحمه الله. ومات بدمشق مدرس الشامية الذي كان قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن إبراهيم بن جملة المحجي ثم الصالحي الشافعي في ذي القعدة عن سبعٍ وخمسين سنة. حدث عن الفخر وغيره. وتفقه بابن الوكيل وبابن النقيب وتميز ودرس. سعى له ناصر الدين الدويدار فولي القضاء نحو سنتين وعزل وسجن مدة ثم أعطي الشامية. وكان قوي النفس ماضي الحكم على حدةٍ فيه. وكان كثير الفضائل. ومات بمصر شيخ الشافعية زين الدين عمر بن أبي الحزم الدمشقي بن الكتاني عن خمسٍ وثمانين سنة. وكان تام الشكل عالمًا ذكيًا مهيبًا مائلًا إلى الحجة فيه قوة وزعارة. سمع جزء الأنصاري وأبي أن يحدث. ولي مشيخة المنصورية وغير ذلك وكان يذكر دروسًا مفيدة. ومات بدمشق بالشامية الكبرى مدرسها العلامة زين الدين محمد بن عبد الله بن المرحل في رجب عن بضع وأربعين سنة. فقيهً مناظر أصولي. تفقه بعمه. وناب في الحكم عن ابن الإخنائي وكان يذكر للقضاء. ومات بقوص ولي العهد القائم بأمر الله محمد بن أمير المؤمنين المستكفي. وكان سريًا فقيهًا شجاعًا مهيبًا وسيمًا. قيل: هو السبب في تسييرهم إلى قوص. مات في ذي الحجة عن أربع وعشرين سنة. سنة تسع وثلاثين وسبعمائة عساكر التتار في اختلاف وافتراق والرعية في مشاق لذلك وخوفٍ ومغارم. وفي رجب هلك تحت الزلزلة بطرابلس الشام ستون نفسًا. وفيه قدم العلامة شيخ الإسلام تقي الدين السبكي على قضاء الشافعية بالشام وفرح المسلمون به. ومات ببغداد عالمها الإمام ذو الفنون صفي الدين عبد المؤمن بن الخطيب عبد الحق بن شمايل البغدادي الحنبلي مدرس البشيرية في صفر وله إحدى وثمانون سنة. صنف شرحًا للمحرر في ستة أسفار وألف في الفرائض وطلب الحديث وعمل معجمًا. حدث عن عبد الصمد بن أبي الجيش والكمال ابن الفويرة وأسمعته من الشرف بن عساكر وله نظمٌ رائق وفيه دين ومات بمصر قاضي حلب ذو الفنون فخر الدين عثمان بن خطيب جبرين علي بن عثمان الحلبي الشافعي في المحرم عن سبعٍ وسبعين سنة. كان طلب وأخرق به وعزل والله يأجره. وكان يدري القراءات والأصول والنحو. وله تواليف وتلامذة. ومات بدمشق قاضي قضاة الإقليمين جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني الشافعي في نصف جمادى الأولى وله ثلاث وسبعون سنة ودفن بقابر الصوفية. وكان مولده بالموصل وتفقه بأبيه وأخذ الأصول عن الأيكي وأفتى ودرس وناظر وتخرج به الأصحاب. وكان مليح الشكل فصيحًا حسن الأخلاق غزير العلم ناب في القضاء لأخيه إمام الدين ولابن صصرى. ثم ولي خطابة دمشق مدة ثم قضاءها ثم قضاء دمشق وأصابه طرف فالج مديدة. وتأسفوا عليه لأياديه وحلمه والله يسمح لنا وله. حدث عن الفاروثي وغيره. ومات القاضي الإمام القدوة العابد بدر الدين أبو اليسر محمد بن قاضي القضاة الإمام العادل عز الدين محمد بن عبد القادر الأنصاري بن الصائغ الدمشقي الشافعي مدرس العمادية والدماغية في جمادى الأولى عن ثلاثٍ وستين سنة. حدث عن ابن شيبان والفخر وطائفة. وحفظ التنبيه ولازم الشيخ برهان الدين زمانًا وجاءه التقليد والتشريف بقضاء القضاة في سنة سبع وعشرين فأصر على الامتناع فأعفي. ثم ولي خطابة القدس وتركها. وكان مقتصدًا ومات شيخ الأمراء الكبير سيف الدين كجكن المنصوري عن نحو التسعين. ومات بمصر المعمر الشيخ موفق الدين أحمد بن أحمد بن محمد ابن عثمان بن مكي الشارعي. وكان آخر من حدث بالسماع عن جد أبيه وكان من أبناء التسعين. لحقه أبو الخير الدهلي. مات في جمادى الأولى. ومات المفتي زين الدين عبادة بن عبد الغني السعدي الحراني الحنبلي في شوال عن ثمانٍ وستين سنة. حدث بالصحيح عن القاسم الإربلي وغيره. وكان دينًا متهجدًا متواضعًا جوادًا مناظرًا صحبته بضعًا وأربعين سنة. وكان يلي العقود والفسوخ. ومات شيخ بلاد الجزيرة الإمام القدوة شمس الدين محمد بن شرشق بن محمد بن عبد العزيز بن الشيخ عبد القادر الجيلي في أول ذي الحجة بقرية الجبال من عمل سنجار عن تسع وثمانين سنة. وكان عالمًا صالحًا وقورًا وافر الجلالة حج مرتين. وروى عن الفخر علي بدمشق وببغداد وخلف أولادًا كبارًا لهم كفاية وحرمة. ومات العدل الأمير شمس الدين محمد بن إبراهيم بن الجزري الدمشقي صاحب التاريخ الكبير في وسط السنة وله إحدى وثمانون سنة. وكان دينًا ساكنًا وقورًا به صمم. روى عن إبراهيم بن أحمد والفخر ابن البخاري وسمع ولديه مجد الدين ونصير الدين كثيرًا. ومات بخليص محرمًا في ذي الحجة الإمام الحافظ محدث الشام علم الدين القاسم بن محمد بن البرزالي الشافعي صاحب التاريخ والمعجم الكبير وله أربع وسبعون سنة وأشهر. وأول سماعه في سنة ثلاث وسبعين. روى عن ابن أبي الخير وابن أبي عمر والعز الحراني وغازي وخلق كثير. وقرأ وكتب وتعب وأفاد وخرج من الصدق والتواضع والإتقان وكثرة المحاسن. ووقف جميع كتبه وأوصى بثلثه. وحج خمس مرات رحمه الله. وفي المحرم منها مات الشيخ شرف الدين أبو الحسين بن عمر البعلي شيخ الربوة والشبلية. حدث عن الشيخ شمس الدين وابن البخاري وطائفة. وله بضع وثمانون سنة. ومات بطرابلس الشيخ ناصر الدين محمد بن العلم المنذري. سمع المسند من ابن شيبان. ومات بالقدس خطيبه زين الدين عبد الرحيم ابن قاضي القضاة بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة الشافعي. ومات بدمشق معيد البادرائية المعمر علاء الدين علي بن عثمان ابن الخراط. حدث عن ابن البخاري وغيره. وعمل خطبًا ومقامات. ومات شيخنا المعمر الصالح شرف الدين الحسين بن علي بن محمد بن العماد الكاتب عن ثمانين سنة وأشهر. درس بالعمادية. وحدث عن ابن أبي اليسر وابن الأوحدي وجماعة. ومات بدمشق نقيب الأشراف عماد الدين موسى بن جعفر بن محمد بن عدنان الحسيني. وكان سيدًا نبيلًا. وقف على من يقرأ الصحيحين بالنورية في الأشهر الحرم. ومات بالقاهرة قاضي العساكر وناظر الخزانة القاضي كمال الدين أحمد بن قاضي القضاة علم الدين الإخنائي. حدث عن الديماطي وغيره. ومات بالإسكندرية قاضيها العلامة وجيه الدين يحيى بن محمد الصنهاجي المالكي. ولحقه الدهلي. ومات بالصالحية المعمر نجم الدين عبد الرحيم بن الحاج محمود السبعي. حدث عن ابن عبد الدايم وغيره وله إحدى وتسعون سنة. سنة أربعين وسبعمائة في صفر هبت ريح بجبل طرابلس وسمومٌ وعواصف على جبال عكا وسقط نجم اتصل نوره بالأرض برعد عظيم وعلقت منه نارٌ في أراضي الجون أحرقت أشجارًا ويبست ثمارًا وأحرقت منازل وكان ذلك آية. ونزلت من السماء نارٌ بقرية الفيجة على قبة خشب أحرقتها وأحرقت إلى جانبها ثلاثة بيوت. وصح هذا واشتهر. وأمر التتار في اختلافٍ وهرجٍ وفرقة. ومات بدمشق الشيخ المعمر نجم الدين إبراهيم بن بركات بن أبي الفضل بن القرشية البعلبكي الصوفي. أحد أعيان الصوفية وأكابر الفقراء القادرية عن تسعين سنة أو أكثر. حدث عن الشيخ الفقيه. وكان خاتمة أصحابه وعن ابن عبد الدايم وابن أبي اليسر وجماعة. وولي مشيخة الشبلية والأسدية توفي في رجب. ومات بمصر العلامة مجد الدين أبو بكر بن إسماعيل بن عبد العزيز الزنكلوني الشافعي في ربيع الأول عن بضع وستين سنة. إمام مفتٍ ورع صالح مصنف. ألف للتنبيه شرحًا وللتعجيز. وتفقه به جماعة. روى عن الأبرقوهي وغيره ودرس. وماتت مسندة الشام أم عبد الله زينب بنت الكمال أحمد بن عبد الرحيم المقدسية المرأة الصالحة العذراء في تاسع عشر جمادى الأولى عن أربعٍ وتسعين سنة. روت عن محمد بن عبد الهادي وخطيب مردا واليلداني وسبط ابن الجوزي وجماعة. وبالإجازة عن عجيبة الباقدارية وابن الخير وابن العليق والنشري وعددٍ كثير. وتكاثروا عليها. وتفردت. وروت كتبًا كبارًا. رحمها الله. وفي ليلة السادس والعشرين من شوال وقع بدمشق حريقٌ كبير شمل اللبادين القبلية وما تحتها وما فوقها إلى عند سوق الكتب واحترق سوق الوراقين وسوق الدهشة وحاصل الجامع وما حوله المئذنة الشرقية وعدم للناس فيه من الأموال والمتاع مالا يحصر. ونسب فعل ذلك إلى النصارى فأمسك كبارهم وسمروا حتى ماتوا. وفي هذا العام مات الخليفة المستكفي بالله أبو الربيع سليمان بن الحاكم العباسي بقوص. وكانت خلافته ثمانيًا وثلاثين سنة. وبويع لأخيه إبراهيم بغير عهد. ومات القاضي الإمام محيي الدين إسماعيل بن يحيى بن جهبل الشافعي عن سن عالية. حكم بدمشق نيابةً ثم ولي قضاء طرابلس ثم عزل. وحدث عن ابن عطاء وابن البخاري وجماعة. وفيه قبض على الصاحب شرف الدين عبد الوهاب النشو القبطي في صفر وصودر واستصفيت حواصله بمباشرة الأمير سيف الدين شنكر الناصري. ومن جملة ما وجد له صندوقٌ ضمنه تسعة عشر ألف دينار وأربعمائة مثقال لؤلؤ كبار وصليب مجوهر ووجد بداره كنيسة مرخمة مصورة بمحاريبها الشرقية ومذابحها وآلاتها. واستمر الملعون في العقوبة حتى هلك في ربيع الآخر. وقد زاد النيل في اليوم الذي قبض فيه على النشو ثمانية عشر إصبعًا وثاني يوم إلى اثنين وعشرين إصبعًا ولله الحمد. الذيل الثاني للحسيني من سنة 741 - 764 ه في المحرم منها أو في أواخر العام الماضي قبض على الأمير سيف الدين تنكز نائب الشام وأخذ إلى القاهرة فاعتقل بالإسكندرية أيامًا ثم قتل ودفن هناك. ولي نيابة دمشق في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة وسار في سنة خمس عشرة فافتتح ملطية وسبى وقتل وكان رجلًا عبوسًا شديد الهيبة وافر الحرمة لا يجترىء أحد من الأمراء أن يكلم أحدًا بحضرته وكان مع جبروته له من يضاحكه ومن يغنيه وقد زار مرة شيخنا ابن تمام. وسمع من أبي بكر ابن عبد الدايم وعيسى وابن الشحنة وما علمته حدث. وله آثارٌ حسنة في أماكن من البلاد الإسلامية رحمه الله تعالى. وولي بعده نيابة دمشق الأمير علاء الدين ألطنبغا نائب حلب. وفي هذا العام جددت خطبةٌ بالمدرسة البدرية جوار الشبلية باعتناء القاضي شهاب الدين بن فضل الله كاتب السر. ومات الزاهد العابد القدوة أبو عبد الله محمد بن أحمد بن تمام التلي ثم الصالحي الخياط في ربيع الأول عن إحدى وتسعين سنة. ثنا عن ابن عوة وابن السروري وابن عبد الدايم وطائفة. استوعب الذهبي شيوخه في جزء وزاره تنكز نائب الشام وحدث عنه البرزالي والذهبي والعلائي وخلق. وكان أحد الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر رحمه الله. ومات بمصر العلامة شمس الدين محمد بن أحمد بن إبراهيم بن حيدرة القرشي الشافعي المعروف بابن القماح في ربيع الآخر عن بضع وثمانين سنة. حدث بصحيح مسلم عن الرضي بن البرهان. ومات بدمشق المحدث الإمام بدر الدين محمد بن علي بن محمد بن غانم الشافعي سمع التقي بن الواسطي وطائفة. وعني بالحديث وحدث وأفتى ودرس وأفاد. ومات الشيخ الزاهد خالد المجاور لدار الطعم ودفن بداريا. صحب الشيخ تقي الدين بن تيمية. وله حال وكشف وكلمة نافذة. رحمه الله. ومات بدمشق أيضًا الإمام العلامة ذو الفنون برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن هلال الزرعي ثم الدمشقي الحنبلي عن بضع وخمسين سنة. أفتى قديمًا ودرس وناظر وناب في الحكم عن القاضي عز الدين بن التقي سليمان ثم عن القاضي علاء الدين بن المنجا. وكان إليه المنتهى في التحري والتفنيد وجودة الخط وحسن الخلق. حدث عن عمر ابن القواس والشرف بن عساكر وغيرهما وكان يصبغ بالوسمة. وفي ذي القعدة مات شيخنا المعمر بهاء الدين علي بن عيسى بن المظفر بن الياس بن الشيرجي الدمشقي عن ثمانٍ وثمانين سنة حدث عن ابن عبد الدايم وابن أبي اليسر وطائفة. توفي في ذي القعدة. ومات ببغداد المعمر أبو عبد الله محمد بن علي بن محمود بن الدقوقي عن خمس وسبعين سنة. سمع من ابن أبي الدينة مسند الإمام أحمد وحدث عن أبي محمد بن ورخز وكانت سيرته غير مرضية. ومات بها أيضًا الشيخ وجيه الدين محمد الباذبيني حدث عن ابن الطبال وغيره. ومات بدمشق المعمر بهاء الدين عيسى بن عبد الكريم بن عساكر بن مكتوم القيسي الدمشقي الشاهد عن ثلاث وثمانين سنة. حدث عن ابن الأوحد وابن أبي اليسر وطائفة. وكان يرتزق من الشهادة ثم انقطع بأخرة وضعفت حركته وأضر. ولد في شعبان سنة ثمان وخمسين وتوفي في ذي القعدة. وماتت المعمرة الصالحة الخيرة أم محمد صفية بنت أحمد بن أحمد المقدسية زوجة شيخنا بهاء الدين ابن العز عمر عن سنٍ عالية. حدثت بصحيح مسلم عن ابن عبد الدايم توفيت في ذي الحجة. وفي يوم الأربعاء عشرينه مات بالقاهرة السلطان الملك الناصر أبو الفتح محمد بن الملك المنصور قلاوون الصالحي عن بضع وخمسين سنة ودفن على والده بالمنصورية. ولد في المحرم سنة أربع وثمانين وستمائة. وسمع من قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة وابن الشحنة وست الوزراء. وأجاز له من دمشق عام ثلاث وسبعمائة أبو جعفر بن الموازيني وإسحاق النحاس والقاضي تقي الدين سليمان وطائفة. وكان ابتداء ملكه في المحرم سنة ثلاث وتسعين بعد قتل أخيه الملك الأشرف فأقام سنتين ثم خلع بالملك المنصور حسام الدين لاجين أستاذ تنكز المذكور فأقام المنصور حتى قتل في ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين فأحضر الملك الناصر من الكرك وسلطنوه وهي المرة الثانية فأقام إلى سنة ثمانٍ وسبعمائة ثم أظهر أنه يريد الحج فخرج وعرج إلى الكرك فأقام به ولوح بعزل نفسه. فتولى الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير فأقام بقية سنة ثمان وسبعمائة إلى رمضان من العام القابل فخرج طائفة من كبار الأمراء وكرهوا ولاية المظفر وساقوا على حمية إلى الكرك فاستنهضوا الملك الناصر فخرج معهم وسار إلى دمشق فبايعه أمراء الشام وتوجه إلى القاهرة فلما تحقق بيبرس قدوم السلطان خرج هاربًا نحو الصعيد فدخل السلطان إلى قلعة الجبل يوم عيد الفطر سنة تسع وسبعمائة واتفقت عليه كلمة المسلمين فأقام ملكًا مطاعًا وأذعنت له الملوك ودانت له الأمم وخافته الأكاسرة حتى مات في هذا العام وعهد إلى ابنه الملك المنصور وفي أيام الملك الناصر كانت وقعة غازان بوادي الخزندار ووقعة شقحب وفتح ملطية وآياس ووقعة عرض. وفي أيامه أسقط مكس الأقوات والله يرحمه. سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة وفي المحرم منها بويع الخليفة الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد بن المستكفي بالله سليمان ابن الحاكم العباسي وكان ولي عهد أبيه. وقبض السلطان المنصور على الأمير سيف الدين بشتك الناصري وأخذ من حواصله ما يزيد على ألف ألف وسبعمائة ألف دينار وقبض على غيره من الأمراء فاتفق الأمراء على خلعه فخلعوه في سابع عشر صفر وحبس بقوص ثم قتل في جمادى الآخرة وكانت دولته نحوًا من سبعين يومًا. وأقاموا أخاه الملك الأشرف كجك وهو متميز فسلطنوه وخطب له بدمشق وغيرها في ربيع الأول وكان أخوه الملك الناصر أحمد بالكرك فلما بلغه ولاية أخيه الأشرف الذي هو أصغر إخوته تحركت همته فسار في شهر رمضان من الكرك إلى القاهرة وقد كان الأمير قطلوبغا الفخري اتفق مع الأمراء على الشخوص إلى القاهرة وولاية أحمد صاحب الكرك وتنازل الفخري وألطنبغا نائب دمشق وتراسلوا فذهب ألطنبغا على حمية إلى مصر منهزمًا واستقر الفخري بدمشق إلى رمضان فتوجه هو ونائب حلب طشتمر المعروف بحمص أخضر فدخلا القاهرة وتوجه قضاة الشام فاجتمعوا كلهم وخلعوا الملك الأشرف كجك. خلعه الخليفة الحاكم بحضور قضاة مصر والشام وذلك لصغر سنه وعجزه عن القيام بمصالح الرعية. فكانت دولته نحو سبعة أشهر وبايعوا السلطان الملك الناصر أحمد بيعة لم يتفق لغيره مثلها وذلك يوم الإثنين عاشر شوال بحضور أمراء مصر والشام وقضاة القضاة بمصر والشام فأقام كذلك إلى ثاني الحجة منها فسار إلى الكرك بأمواله وخيله ورجاله ومعه كاتب السر وناظر الجيش وطشتمر المذكور محتفظًا عليه وقد كان ولى الفخري نيابة دمشق فجهز إليه فقبض عليه بالطريق فضربت عنقه وعنق طشتمر خارج الكرك في العشر الأخر من ذي الحجة ثم قتل ألطنبغا نائب الشام وجماعة من الأمراء المصريين. ومات بدمشق خطيبها المفتي الإمام بدر الدين محمد بن قاضي القضاة جلال الدين القزويني الشافعي وقد ناب في الحكم عن والده في الكرة الأخيرة. ومات ببلبيس المعمر أبو الفتوح عبد الله النصير بن محمد الأنصاري عن ثمانٍ وتسعين سنة. ومات بدمشق مقرئها العلامة شمس الدين محمد بن أحمد بن علي الرقي ثم الدمشقي الحنفي الأعرج عن أربع وسبعين سنة. حدث عن الفخر وطائفة. وقرأ على الفاروثي والفاضلي. وأقرأ بالأشرفية. توفي في سلخ صفر. ومات الحافظ العلامة إمام المحدثين جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الملك بن يوسف القضاعي ثم الكلبي الحلبي ثم الدمشقي المزي الشافعي صاحب تهذيب الكمال وكتاب الأطراف. ولد في العاشر من ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وستمائة بحلب. وسمع بدمشق في سنة خمس وسبعين من ابن أبي الخير وابن علان والإربلي والشيخ شمس الدي وابن البخاري وخلق من هذه الطبقة وغيرهم وهلم جرًا. وحدث بالكثير من مسموعاته وحمل عنه طوائف من الفقهاء والحفاظ وغيرهم وبه ختم شيخنا الذهبي طبقات الحفاظ له. توفي في يوم السبت ثاني عشر صفر ودفن بالصوفية رحمه الله. وكان مع تبحره في علم الحديث رأسًا في اللغة العربية والتصريف له مشاركة جيدة في الفقه وغيره ذا حظ من زهد وتعفف ويقنع باليسير وقد شهد له بالإمامة جميع الطوائف وأثنى عليه الموافق والمخالف. ومات ببغداد المحدث المسند محب الدين أبو الربيع علي بن عبد الصمد ابن أحمد بن عبد ومات في جمادى الأولى ملك العرب مظفر الدين موسى بن مهنا ودفن بتدمر. ومات بعده بثمانية أيام نائب طرابلس أرنبغا الناصري. وفي آخر هذا العام قتل قوصون الناصري ونهبت أمواله بالقاهرة. سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة وفي المحرم أرسل أمراء الدولة إلى الملك الناصر أحمد بالكرك ليعود إلى القاهرة مستقر ملكه وملك أبيه فأجابهم: إن كنت أنا السلطان فلا يأتمر علي أحد الشام لي ومصر لي أيهما شئت أقمت به وقد أقمت نائبًا لقضاء حوائج الرعية. فلم يعجبهم هذا الجواب واضطربت آراؤهم ثم اتفقوا على خلعه فخلعوه في ربيع الأول وعقدوا الملك لأخيه الملك المظفر عماد الدين إسماعيل وهو ابن نحو من سبع عشرة سنة وكانت دولة الناصر أحمد نحو خمسة أشهر وأيامًا. وتوجه أمراء دمشق بالمجانيق لحصار الكرك. وولي نيابة دمشق الأمير علاء الدين أيدغمش الناصري فأقام نحو ثلاثة أشهر ومات فجأة في رابع جمادى الآخرة , وولى بعده نيابة دمشق الأمير سيف الدين طقزتمر الناصري فدخلها في وفيها ولد لرجل من أهل الجبل ولد برأسين وأربع أيد فحكى لي شيخنا عماد الدين بن كثير قال: ذهبت إليه ونظرت إليه فإذا هما ولدان قد اشتبكت أفخاذهما بعضها في بعض وركب كل واحد منهما ودخل في الآخر والتحمت فصارت جثة واحدة وهما ميتان. ومات مسند الشام المقرىء الصالح العابد أبو العباس أحمد بن علي بن حسن بن داوود الجزري ثم الصالحي الحنبلي عن ثلاث وتسعين سنة وسبعة أشهر حضر على ابني عبد الهادي واليلداني والبكري وخطيب مردا وإبراهيم بن خليل وابن عبد الدايم وغيرهم وأجاز له ابن الزعبي والصرصري وفضل الله الجيلي وعبد القادر القزويني وخلق. خرجت له من عواليه وتوفي في خامس شعبان وسمعت شيخنا الحافظ تقي الدين السبكي يقول: لم أر أجلد منه على التلاوة والصلاة. ومات ببعلبك مسندها وخطيبها المعمر محيي الدين محمد بن عبد الرحيم بن عبد الوهاب بن علي بن أحمد بن عقيل السلمي الشافعي نزيل بلد بعلبك وشيخ الكتابة ولد سنة ثمان وخمسين وستمائة وسمع من ابن عبد الدايم والقاسم الإربلي والرشيد العامري وابن هامل وطائفة. استوعبهم شمس الدين بن سعد في جزءٍ خرجه له وحدث عنه الذهبي في معجمه وكان مجيدًا للخطابة مليح الشكل كبير القدر عاقلًا متصونًا. وهو والد شيخنا المجود بهاء الدين محمود ومات بالقاهرة القاضي الإمام الأوحد تاج الدين أبو محمد عبد الله بن علي بن عبد الهادي المعروف بابن الأطرياني كاتب الإنشاء عن نحو ثمانين سنة. حدث عن العز بن الصيقل وغيره. ومات بها الأديب البارع العلامة تاج الدين عبد الباقي بن عبد المجيد المخزومي المكي قدم مصر والشام وتقدم عند صاحب اليمن وباشر فنون الإنشاء باليمن ثم تفرقت الدولة فصرف عن ذلك وأوذي فعاد إلى الحجاز وأقام بالمدينة ةخطب بها نيابة ثم عاد إلى القاهرة ودرس بها ثم استوطن القدس. وحضر إلى دمشق وحلب. كتب عنه شيخنا أبو حيان من نظمه وصنف تصانيف مفيدة منها كتاب [مطرب السمع في شرح حديث أم زرع]. ومات بظاهر دمشق الإمام الزاهد المفتي عبد الله بن محمد بن أحمد ابن أبي الوليد المالكي إمام محراب المالكية بالجامع الأموي. حدث عن ابن البخاري. ومات الخطيب البليغ شمس الدين محمد بن عبد الأحد بن الوزير الحنبلي خطيب الجامع الكريمي. ومات شيخ القراء الإمام بدر الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بصخان الشافعي ودفن بباب الفراديس وله خمس وسبعون سنة. حدث عن ابن إسماعيل ابن الفرا وطبقته وتلا بالسبع على الدمياطي. وفي رجب جيء بتنكز مصبرًا في تابوت من الإسكندرية فدفن بتربة جوار جامعه بدمشق. وفي منتصف شعبان كانت الزلزلة العظمى العامة فهدمت مدينة منبج وتهدمت منها أماكن بحلب وغيرها واستمرت تتعاهدهم بحلب إلى بعد عيد الفطر. وفيها قدم الصاحب مكين الدين إبراهيم بن قروينة من القاهرة على نظر الدواوين بالشام في رمضان وصرف عنها الصاحب تاج الدين بن أمين الملك إلى طرابلس. وفي شوال قدم الصاحب شمس الدين موسى بن التاج عبد الوهاب من مصر إلى حلب على نظر الدواوين بها. وفي مستهل ربيع الآخر احترق سوق الصالحية من أوله إلى آخره. وولي قضاء الشافعية بحلب شيخنا الزاهد قاضي القضاة نور الدين محمد بن محمد بن الصايغ ودرس بعده بالدماغية بدمشق القاضي الإمام جمال الدين أبو الطيب الحسين ابن قاضي القضاة تقي الدين السبكي وأخذ في قول الله تعالى: {وعدكم الله مغانم كثيرةً تأخذونها فعجل لكم هذه}. ومات المعمر الصالح كمال الدين محمد بن القاضي محيي الدين بن الزكي القرشي الشافعي مدرس العزيزية والتقوية عن سن عالية سمع من ابن البخاري وغيره. ودرس بعده بالتقوية القاضي الإمام تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب السبكي وأخذ في قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}. ومات الإمام العلامة قاضي القضاة برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن أحمد بن يوسف الحنفي سبط ابن عبد الحق سمع جده أبو العباس وابن البخاري وغيرهما. وولي قضاء الحنفية بالقاهرة ثم صرف عنه في سنة ثمان وثلاثين فقدم دمشق. وإليه انتهت رياسة المذهب توفي في ذي الحجة. ومات بحلب الحافظ الإمام شمس الدين محمد بن علي بن أبيك السروجي. ولد سنة خمس عشرة عام مولدي وسمع بالقاهرة من مشيخة الوقت وقدم دمشق غير مرة واعتنى بالرجال وبرع وكتب وتعب. وكان فيه شهامة ورقة نفس توفي في ربيع الأول. وفيه مات بالقدس القاضي الإمام النبيل شرف الدين أبو بكر ابن محمد بن العلامة شهاب الدين ومات بظاهر دمشق الحافظ الإمام العلامة ذو الفنون شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي الصالحي الحنبلي ولد سنة خمس وسبعمائة. وسمع أبويه والقاضي تقي الدين سليمان وأبا بكر بن عبد الدايم وهذه الطبقة ولازم الحافظ المزي فأكثر عنه وتخرج به واعتنى بالرجال والعلل وبرع وجمع وصنف وتفقه بشيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية وكان من جلة أصحابه ودرس بالمدرسة الصدرية. وولي مشيخة الضيائية والصبابية. وتصدر للاشتغال والإفادة. وكان رأسًا في القراءات والحديث والفقه والتفسير والأصلين واللغة والعربية. تخرج به خلق وروى الذهبي عن المزي عن السروجي عنه. توفي يوم الأربعاء عاشر جمادى الأولى. وسمعت شيخنا الذهبي يقول يومئذ بعد دفنه: "والله ما اجتمعت به قط إلا استفدت منه". رحمهما الله. ومات بحلب المفتي الإمام شمس الدين محمد بن محمد بن إبراهيم السفاقسي المالكي في رمضان. ومات بدمشق المعمر الصالح الخير زين الدين عبد الرحيم بن إبراهيم ابن كاميار القزويني الأصل الدمشقي عن ثلاث وتسعين سنة. حدث بالإجازة عن عثمان ابن خطيب القرافة والبكري وخلق. ومات المسند شهاب الدين أبو القاسم عبد الله بن علي بن محمد بن عمر ابن هلال الأزدي الدمشقي. ولد سنة إحدى وسبعين وحضر ابن أبي اليسر ويحيى بن الحنبلي. وسمع ابن علان وطائفة. توفي في منتصف رجب. ومات بالكرك الشرف محمد بن عبيد الله بن أحمد بن عمر بن أبي عمر المقدسي الصالحي ثم الكركي ثنا عن ابن البخاري انتهت إليه رياسة عمل المنجنيق وبه قتل في جمادى الأولى. ومات بالقاهرة العلامة تاج الدين أحمد بن عثمان بن إبراهيم بن التركماني الشافعي أحد أركان المذهب. ومات بالقريتين ملك العرب شرف الدين عيسى بن فضل ابن أخي الملك مهنا ونقل فدفن بحمص. ومات بدمشق الحافظ الإمام العلامة ذو الفنون أقضى القضاة تقي الدين أبو الفتح محمد بن عبد اللطيف بن يحيى بن علي بن تمام السبكي الشافعي ولد بالمحلة في ربيع الآخر سنة خمس وسبعمائة وأحضر على أبوي الحسن علي بن عيسى بن القاسم وعلي بن محمد بن هارون التغلبي وغيرهما. وسمع من الحسن الكردي وعلي بن عمر الواني ويونس الدبوسي وست الوزراء وخلق. وأجاز له عام مولده الحافظ شرف الدين الدمياطي وغيره. وحدث وكتب بخطه المليح المتقن شيئًا كثيرًا وانتقى على جماعة من شيوخه وكتب العالي والنازل وبرع في الفقه والأصلين والحديث واللغة. وأفتى ودرس وأفاد وتلا بالسبع على الأستاذ أبي حيان وأخذ عنه علم العربية. وتفقه بجده وأبي عبد الله السنباطي وشيخ الإسلام السبكي وناب في الحكم وتوفي في ثاني عشر ذي القعدة رحمه الله. ومات بحلب في ذي الحجة العلامة كمال الدين عمر بن محمد بن عثمان بن العجمي في حدود الأربعين سمع بدمشق من جماعة وأفتى ودرس وناظر.
|